مقالات الرأي محلية
أخر الأخبار

📱 المكالمة المفقودة

📝 بقلم:خالدشرف الدين أحمد

 

رنّ الهاتف الجوال رنينًا قصيرًا ثم انقطع. كنت مشغولًا بعمل ما، لكن دون إرادتي امتدت يدي إليه. أزحت إغلاقه ببصمة سبّابتي ونظرت إلى الشاشة. كانت المكالمة الفائتة منها. فركت عيني ظنًا أن بها غشاوة، ونظرت مجددًا. نعم، إنه الاسم ذاته، الرقم ذاته الذي أحفظه عن ظهر قلب.

 

غلبتني الحيرة، وبينما أُحاول فهم ما يحدث، رن الهاتف مجددًا. حاولت أن أستقبل المكالمة، لكن شيئًا ما جعلني أضغط على زر الرفض بدلًا من الرد. يا لله! ضاعت الفرصة، بل ارتكبت خطأ كارثيًا. ستظن أنني أرفض استقبال مكالمتها، المكالمة التي انتظرتها أيامًا وليالي.

 

استبدّ بي القلق. ماذا أفعل الآن؟ رن الهاتف مرة ثالثة، وهذه المرة استقبلتها. كان صوتها الهادئ المألوف يأتيني عبر الأثير، صوتٌ ليس غاضبًا كما كنت أتوقع. نعم، إنها هي! يا للعجب! كيف تجرأت على الاتصال بعد قطيعة مزّقت قلبي وتركته شظايا؟

 

استقبلت مكالمتها بحذرٍ يشوبه ارتباك. كان صوتها كما عهدته؛ مرحًا، لكن مشاغلها كانت تحوم حولها، وكأنها تنثر حضورها دون اكتراث. لا أدري كيف جرى الحديث بيننا، المواضيع كانت سطحية، عابرة، كأننا نرقص فوق حقل ألغام دون الاقتراب من أي مركزٍ قد ينفجر.

 

بذلت جهدًا خرافيًا أبحث عن إشارة، كلمة، دليل على شيء ما، لكنها أفلتت كعادتها. وبهدوء، استأذنت واعدة بالعودة لاحقًا. كنت واثقًا أنها لن تعود، لكنني كطفل يصدق البشرى، تمسكت بخيط الوعد الهش.

 

انتهت المكالمة، وبقيت لعدة دقائق أحدّق في الهاتف، في صورتها التي تزين ملفها الشخصي، كأنني أخاطبها بصمت. كل شيء تلاشى بعدها، وعدت أبحث عن حضورها في فراغ اللحظة.

 

*خالديات*

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى