مقالات الرأي محلية
أخر الأخبار

نورالدين زكريا داكوستا: المشهد السياسي السوداني بالغ التعقيد والحل في تسوية عادلة

نورالدين

وصف الناشط والباحث نورالدين زكريا داكوستا المشهد السياسي الراهن في السودان بأنه شديد التعقيد، مشيرًا إلى أن التقدم الذي حققه الجيش مؤخرًا أثّر على مسار الأزمة، لكنه لم يحسمها بعد، حيث لا يزال الدعم السريع يحتفظ بنفوذ في بعض المناطق، مما يمنحه القدرة على المناورة السياسية، كما هو الحال في تحركاته الأخيرة في نيروبي.

 

وفي حديث صحفي، أوضح داكوستا أن الدعم السريع انتقل إلى التموضع السياسي بدلًا من العسكري، في محاولة لتعزيز موقفه التفاوضي، مستفيدًا من تحالفاته الداخلية والخارجية. واعتبر أن فرضية الحسم العسكري للصراع غير محبذة، مؤكدًا ضرورة اللجوء إلى التفاوض، كما هو الحال في معظم النزاعات.

 

وأشار داكوستا إلى أن تحركات الدعم السريع في نيروبي تهدف إلى شرعنة نفسه كطرف دولي فاعل وليس مجرد ميليشيا، لافتًا إلى تلقيه دعمًا غير معلن وتحالفات إقليمية ودولية. أما بشأن فكرة تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرته، فقد اعتبرها خطوة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها غياب السيطرة العسكرية الكاملة، مما قد يحدّ من الاعتراف الدولي بها، لكنه رأى أن هذه الخطوة قد تعزز موقفه التفاوضي في أي محادثات مقبلة مع الجيش.

 

كما حذر داكوستا من أن تشكيل حكومة موازية سيزيد من تعقيد المشهد السياسي، ويعمّق الاستقطاب، مما يؤدي إلى إطالة أمد النزاع. وأشار إلى الانقسامات داخل القوى السياسية، حيث يرى البعض أن الدعم السريع يمكن أن يُستخدم كتكتيك مرحلي لإضعاف الجيش، بينما يعتبره آخرون رهانًا خاطئًا يزيد من حدة التوتر في البلاد.

 

وأثنى داكوستا على بعض القوى السياسية التي تدعو إلى إبعاد كل المكونات العسكرية عن السلطة، لكنه أقر بأن هذا الطرح يواجه تحديات كبيرة، أبرزها سيطرة القوى المسلحة على المشهد السياسي، مشيرًا إلى أن الدول الإفريقية غالبًا ما تفرض فيها القوة العسكرية واقعًا سياسيًا يصعب تجاوزه.

 

أما بخصوص التعديلات التي أجراها الجيش على الوثيقة الدستورية، فقد اعتبرها محاولة لتعزيز نفوذه وشرعنة بقائه في السلطة، محذرًا من مخاطر تحالف الإسلاميين مع الجيش، مما قد يعيد إنتاج نموذج الدولة الأمنية الذي أسقطه الشعب خلال ثورة ديسمبر 2018.

 

ورأى داكوستا أن الضغوط الخارجية قد تلعب دورًا في فرض تسوية عادلة، لكنه أشار إلى أن بعض الدول تستغل الدعم السريع لخدمة مصالحها، رغم إعلانها دعم الحل التوافقي. وأضاف أن نيروبي تحاول لعب دور الوسيط بطريقة لا ترضي حكومة بورتسودان، مما يحول المشروع الى ازمة دبلوماسية بين البلدين.

 

وفي ختام حديثه، أكد داكوستا أن التدخلات الخارجية تعمّق الخلافات وتقلّل فرص الحل، معتبرًا أن السيناريوهات المحتملة تتراوح بين استمرار الحرب، أو تدخل دولي يفرض حلولًا واقعية، أو توافق وطني شامل يجنّب السودان المزيد من الصراعات، وهو السيناريو الذي يفضّله رغم صعوبته.

 

ودعا داكوستا إلى بناء السودان على أسس جديدة، بعيدًا عن الصفقات بين العسكريين والسياسيين، مشددًا على ضرورة إعادة تشكيل الدولة بإشراك المجتمع، لا سيما الفئات المهمشة التي لم يُسمع صوتها عبر تاريخ السودان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى