
كان كلٌّ منهما منهمكًا في تحقيق أهدافه، فانغمسا في العمل والبحث وتطوير الذات، ومارسا قاعدة “الأهم فالمهم فالأقل أهمية”. انتبها لذويهما، لأهلهما، ولكل من يهمهما، لكن وسط زخم الحياة، نسيا أن يهتما بنفسيهما. سرقت الأيام عمرهما، ولم يدركا ذلك.
وبعد سنين من رهق الحياة، التقيا. كان لقاءً عابرًا، لكنه ترك أثرًا بداخلهما.
جمعتْهما الأقدار مرة أخرى، إذ كان عليهما العمل معًا في أحد المشاريع. كان العمل ينساب بينهما بانسجام تام، ولم يتطرقا للكثير من الأحاديث الشخصية، لكن التوافق بينهما كان واضحًا في كل شيء.
كان، عندما يعود، يتساءل ويسترجع تلك الملامح التي تجمع بين الصرامة واللين، متعجبًا: كيف لهذه الأنثى القدرة على فرض حضورها داخله؟ ومع مرور الوقت، بدأ يجد في العمل معها متعة غريبة، لكن كبرياءه منعه من الاعتراف لها بذلك.
أما هي، فرغم كل محاولاتها، شعرت بانجذاب نحوه، فقد كان أسلوبه مختلفًا، وتركيزه اللامتناهي في أدق التفاصيل كان يثير فضولها. كانت تحسب الساعات للقائه، لكنها حين تراه، يصيبها الجمود ولا تبوح بشيء.
حتى جاء وقت انتهاء العمل المشترك، وذهب كلٌّ منهما في طريقه، تاركًا جزءًا من روحه عند الآخر، وافترقا.
كلٌّ منهما وجد ضالته، لكن كبرياءهما أحرق ذلك الحب قبل أن يولد.