عالميةمنوعات عالمي
أخر الأخبار

رسائل في بريد أخي

بقلم : الطيب أحمد الطيب

 

عند الثانية عشرة منتصف الليل، بتوقيت الحنين، ألمم أطراف جسدي المثقل من حافة السرير. ما هذا؟ ما الذي تفعلونه بي؟ لا أريد الكتابة الآن، ولكن هناك شيئًا ما لا يتركني أنام… إنه فرط الحنين.

 

تتبعثر الكلمات في ذهني، شعور غريب، إحساس بالخوف يخالجني. لم أدرك معنى هذه الأحاسيس إلا عندما تناولت مفكرتي وبدأت أكتب… لا أعلم من أين تأتي الكلمات، لكنها تنساب على الورق بلا توقف.

 

أكتب لك، أخي…

أنت بعيد عني، ولكنك أقرب لي من الوريد. أتذكر أيام الطفولة؟ عندما كنا نتجول في أطراف المدينة، لا يشغل بالنا سوى اللعب واللهو؟ آه يا أخي، كيف تسارعت عقارب الساعة، كيف كبرنا؟

 

لم أخبرك، لكني نظرت في المرآة اليوم… الشيب بدأ يغزو رأسي، وأرى لحيتك تنمو بكثافة أيضًا. ما بال هذه الأيام؟ أما يكفيها بعادنا؟ دعنا نلتقي، حتى وإن كان اللقاء في مخيلتي، في شرودي، في فرط تفكيري بك. فأنا يا أخي، كما ألتقي فتاتي الأبنوسية في مخيلتي، ألتقيك أيضًا حينما أستدعي شياطيني الكتابية.

 

لقد استدعيتهم اليوم، وها أنت حاضر بينهم، تملي عليّ الكلمات، كما كنت تفعل دائمًا. أخبرني، كيف حال تلك الليالي والأماني السندسية التي كنا نحلم بها؟ عندما كنا نسير في زقاق المدينة، نبحث عن واقع أجمل؟

 

لم أنم جيدًا البارحة…

وها أنا ذا أكتب لك. ألم يحن وقت اللقاء بعد؟ أخبرتُ أمي بأننا سنلتقي في رمضان، ولكنك لن تأتي… أخبرني، إلى متى سيطول هذا النوى؟

 

أنا حقًا أفتقدك، ولم أتوقف يومًا عن الكتابة لك. كنتَ دائم الحضور بين أسطري وكتاباتي، بحضورك الأنيق. أنت جميل كما قلتَ لي يومًا، لكن المصور لم يختر الزاوية المناسبة لالتقاط جمالك الحقيقي!

 

ألم أقل لك إنك تسكن كلماتي؟ كنتُ أنوي كتابة رسالة إلى فتاتي السندريلا، لكنني وجدتني أكتب لك… أبي سأل عنك، وأخي الأصغر لا ينفك يسأل عن قدومنا.

 

آه، هل هذا أنت؟

ماذا تفعل في زحام أفكاري؟ في صفاء ذهني؟ هل أصبحت واحدًا من شياطيني؟ أم أنني غارق في حنيني لك؟

 

لقد تمردت أناملي، حتى شياطيني تمردت عليّ، وكلها تملي عليّ أن أكتب

لك…

كن بخير، يا أخي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى