عالميةمقالات الرأي عالمي
أخر الأخبار

برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية: نموذج للتكامل الإنساني والتنموي

بقلم: مالك الديجاوب

 

في عام 1992، فتحت الحدود الليبية من جميع الجهات، فشهدت البلاد تدفقًا هائلًا للوافدين، مما أدى إلى كساد سوق العمل بسبب زيادة العمالة المعروضة مقارنة بالطلب. ومن بين الظواهر التي برزت في ذلك الوقت، كانت ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي أودت بحياة الكثيرين من المهاجرين. في ظل هذه الظروف، جاءت مبادرة برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للجاليات السودانية بليبيا، التي سعت إلى تمكين أعضائها من الاستقرار عبر مشاريع إنتاجية، وتوفير مساكن، وتأمين عودتهم إلى الوطن.

 

بعد جهود طويلة، تمكنا أخيرًا من تأسيس منظمة الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للعالقين بدول المهجر، كإحدى مؤسسات المجتمع المدني والعمل الطوعي في السودان.

 

عشرون عامًا من العطاء والإنجازات

 

على مدار أكثر من 20 عامًا، استثمرنا علاقاتنا مع المجتمع الليبي، الذي احتضننا كجالية سودانية وفقًا للأعراف والتقاليد. لقد عاصرنا ثلاثة أجيال في ليبيا:

 

الجيل الأول: الذي نشأ وتعلم في ليبيا، وتخرج الآلاف من أبنائه في مختلف التخصصات.

 

الجيل الثاني: جيل أبنائنا الذين يمكن أن يساهموا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، سواء في السودان أو في ليبيا.

 

الجيل الثالث: جيل أحفادنا، الذين بدأوا مسيرتهم التعليمية في المراحل الأولى.

 

 

الإنجازات المحققة

 

استطاع البرنامج تحقيق العديد من الإنجازات المهمة، أبرزها:

 

تخصيص 500 منزل إسكان شعبي بالتعاون مع صندوق الإسكان في السودان، بقيمة 2 مليون دولار (2017).

 

جمع 300 ألف دولار، استخدمت جزئيًا في شراء منازل بالتعاون مع الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي في السودان.

 

تمكين 1500 عضو من امتلاك مشاريع إنتاجية ومعيناتها، بقيمة 7 ملايين دولار، وفق آليات الدعم الذاتي في ليبيا.

 

اقتراح إنشاء قاعدة بيانات لتحليل الحمض النووي لتحديد هوية المهاجرين الذين يلفظهم البحر.

 

تخصيص 100 قطعة سكنية بالتعاون مع صندوق الإسكان في السودان، بقيمة 250 ألف دولار (2020).

 

تخصيص مخطط سوبا شرق بقيمة 250 ألف دولار، لكن المشروع لم يكتمل بسبب الحرب في السودان.

 

البدء في جمع مواد إغاثة لدعم أهلنا في السودان منذ اندلاع الحرب، تضمنت خمسة مستشفيات ميدانية متكاملة التجهيزات الطبية.

 

 

الهجرة غير الشرعية وتداعيات الحرب في السودان

 

مع استمرار الحرب في السودان، نزح أكثر من مليوني سوداني، وتتوقع المنظمات الدولية أن يصل العدد إلى 1.8 مليون لاجئ إضافي. وقد وصلت مجموعات من النازحين إلى ليبيا، حيث لجأ الكثيرون إلى مكاتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين للاعتصام والمطالبة بالتسجيل.

 

في الوقت ذاته، وبعد انتهاء أزمة المهاجرين المبعدين قسرًا من تونس عبر الصحراء، عاد المئات إلى تونس مرة أخرى، مستغلين المهلة التي منحتها السلطات التونسية لمغادرة أراضيها. ومن المتوقع أن يتوجه هؤلاء إلى أوروبا عبر البحر، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

 

موقف السلطات الليبية والمجتمع المدني

 

يتميز المجتمع الليبي بأعرافه وتقاليده الحميدة، التي تعلمناها منه وعشنا معها بسلام. ونؤكد أن أي جرائم أو انتهاكات تُرتكب لا تعكس صورة الشعب الليبي، الذي يستهجن هذه الأفعال ويرفع الغطاء الاجتماعي عن مرتكبيها.

 

كما نشكر السلطات الليبية التي تراعي الجانب الإنساني للمهاجرين، وتقدم لهم الخدمات الإسعافية عند إنقاذهم، كما حدث في أزمة المهاجرين المبعدين من تونس. لقد تطوعنا بإرسال مستشفى ميداني مع فريق طبي لتقديم الإسعافات الأولية، مما ساعد في إنهاء الأزمة.

 

شراكات وتعاون مستمر

 

شاركنا مع السلطات الليبية في معاينة جثث المهاجرين الذين يلفظهم البحر، لتحديد هوياتهم وإتمام الإجراءات القانونية لدفنهم.

 

نشيد بموقف السلطات الليبية في معاملة الطلاب المولودين في ليبيا كطلاب ليبيين، ونطالب باستكمال إجراءاتهم ومنحهم الإقامة الدائمة، وفقًا للمواثيق والمعاهدات الدولية.

 

عقدنا اجتماعًا مع صندوق دعم العودة بجهاز المغتربين في السودان، ووقعنا مذكرة تفاهم للتعاون المستقبلي.

 

 

ختامًا: نموذج يمكن تعميمه

 

إن هذا البرنامج يعد نموذجًا يمكن تطبيقه مع جميع الجاليات في ليبيا، خاصة أن المشاريع الإنتاجية التي يديرها الأعضاء تشغل أعدادًا كبيرة من مختلف الجاليات. وبهذا، فقد ساهم البرنامج في الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مما يجعله تجربة تستحق الاحتذاء بها في بلدان أخرى.

 

مالك الديجاوي

رئيس برنامج الحد من الهجرة غير الشرعية والعودة الطوعية للجاليات السودانية بليبيا

مفوض منظمة الحد من الهجرة

غير الشرعية والعودة الطوعية للعالقين بدول المهجر

25 أغسطس 2023

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى