منوعات عالمي
أخر الأخبار

روابي… موناليزا العصر الحديث

📝 قصة:خالد شرف الدين أحمد

 

عقلها متقد، ذهنها حاضر، لا تكاد تناقشها في أمر إلا وتجدها تدلي لك بإفادة تختصر أمامك مشوارًا طويلًا من البحث في المراجع والكتب. حين قارنت فهمها بسنوات عمرها، وجدتها تسبق زمنها بسنة ضوئية كاملة. نعم، لا أبالغ حين أحكي عن روابي.

 

بجسدها النحيل وعينيها البريئتين، كانت تعيش في كنف أسرتها العريقة في ذلك الحي العريق بالعاصمة. لم تعرف شيئًا عن الحياة خارجها، درست كل مراحل تعليمها هناك، حتى استيقظت ذات يوم على لهيب الحرب التي التهمت قلب الخرطوم. وجدت نفسها مع من تبقى من أفراد أسرتها يتنقلون من سيارة إلى أخرى، في حالة من الصدمة والذهول، حتى انتهى بهم المطاف شمال الصحراء الكبرى، في ليبيا.

 

ذكاء ساحر وكاريزما لا تُقاوَم

 

روابي تتقن العربية والإنجليزية، وتجيد التعامل مع التكنولوجيا، وليست بعيدة عن عالم الفن والأدب. مهذبة، رقيقة، وابتسامتها لا تفارقها، تضفي عليها جاذبية وهيبة في آنٍ واحد. ابتسامتها تشبه لحظة شروق تغلفها سحب رقيقة في الأفق الشرقي، كأنها موناليزا عصرية، أينما نظرت إليها وجدت ذات الملامح الذكية والهيبة الطاغية.

 

حين توطدت معرفتنا، قلت لها ممازحًا:

— “افتقدت بوجهك الواحد!”

ضحكت في مرح، وقالت:

— “تريدني بأكثر من وجه؟ بالتأكيد لن تكون سعيدًا معي!”

 

في تلك اللحظة، وجدت نفسي أتساءل من تكون هذه الفتاة؟ وكأنها قرأت التساؤلات في ملامحي، فبدأت تحدثني بهدوء عن عالمها المدهش، فوجدتني أغوص بين تيارات متقلبة وأرصفة معرفية تحملني من دهشة إلى أخرى.

 

روابي… التراجيديا التي تتحول إلى يوتوبيا

 

روابي تملك موهبة نادرة في تحويل التراجيديا إلى يوتوبيا حالمة، والمرارات إلى سخرية جميلة. ترى الآلام على أنها مجرد آمال مجمدة، تحتاج فقط بعض الدفء كي تتحقق. رغم ما مرت به، لا تزال تتصل بي لتسأل عن حالي، متناسية حالها، حتى أشعر وكأنني ضمن نطاق مسؤوليتها، وليس العكس.

 

روابي… أنثى التحدي وتحدي الأنوثة، فتاة لا تشبه أحدًا، لكنها تترك أثرًا لا يُمحى في حياة كل من يعرفها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى